كلمة رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في ختام 2021.. عــــــام إرادة الإنجـــــــاز

بينما كان عام الجائحة 2020 يمثل التحدي الأبرز أمام الاقتصاد العالمي؛ فإنه كان بمثابة الفرصة المواتية أمامنا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لترتيب الأوراق وتفعيل السياسات التي تمكننا من تحقيق الاستفادة المثلى من المقومات والإمكانات العظيمة التي تمتلكها المنطقة سواء مزايا الموقع الاستراتيجي كمحور عالمي للتجارة أو المقومات اللوجستية والمزايا الاستثمارية، وذلك للانطلاق نحو تنفيذ المرحلة الثانية من استراتيجيتنا الطموحة “خلق الفرصة”، وهي مرحلة التمكين لموارد ومقومات الهيئة ومشروعاتها المختلفة ضمن مخطط السنوات الخمس 2020/2025.

وفي عام 2021 عام “إرادة الإنجاز”، انطلقنا نحو تمهيد المناخ للاستثمار عن طريق إصدار عدد من القرارات التي تساهم في إزالة كافة المعوقات أمام الاستثمار بالمنطقة، وكذلك خلق مزايا وحوافز استثمارية جديدة للمنطقة الاقتصادية؛ فقامت الحكومة المصرية بالموافقة على إصدار القواعد الخاصة للتصدير والاستيراد من وإلى المنطقة الاقتصادية، وقرارات إعفاء السلع والبضائع والخدمات بالمنطقة من ضريبة القيمة المضافة، ومنح تصريح إقامة للمستثمرين الأجانب لمدة 5 سنوات، وانضمام المنطقة لبرنامج دعم الصادرات المصري ورد الأعباء التصديرية وكذلك تعديل بعض بنود اللائحة التنفيذية لقانون المنطقة الاقتصادية، وغيرها من القرارات والمزايا التي تجعل المنطقة الاقتصادية الوجهة المفضلة للاستثمار إقليميًّا ودوليًّا، وهو ما تم ترجمته في تنامي حجم التعاقدات والمشروعات الفعلية التي دشنتها الهيئة مع شركاء التنمية من المستثمرين وأصحاب الأعمال.

واتساقًا مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجيات القومية نحو توطين الصناعة في مختلف القطاعات، وإحلال الواردات، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، قمنا بالعمل على جذب الاستثمارات في قطاعات صناعية مستهدفة، وهو ما نجحنا بالفعل في تنفيذه فتم إنهاء التعاقد على مشروعات فعلية في مجال صناعة البتروكيماويات مثل مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات باستثمارات بلغت 7.5 مليار دولار، وكذلك إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج الميثانول ومشتقاته بالعين السخنة باستثمارات 2.5 مليار دولار مما يساهم في الاكتفاء الذاتي من تلك المنتجات وتحقيق فائض للتصدير يقلل بدوره فاتورة الاستيراد إيذانًا بتحول مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز، فضلًا عن العمل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات بهدف توطين تلك الصناعة والصناعات المغذية لها وتنمية الصادرات من السيارات بدلاً من الاكتفاء بالصناعات التجميعية فقط.

وتزامنًا مع استضافة مصر لقمة المناخ COP27 في نوفمبر القادم تسابق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الزمن لعقد الشراكات والعقود الفعلية نحو توطين صناعة الهيدروجين الأخضر والذي يعد أحد روافد الاستثمار الأجنبي المباشر نظرًا لتزايد الطلب العالمي على الوقود منخفض الكربون لتقليل الانبعاثات الكربونية الخطيرة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وهو التوجه الرئيسي حاليًا والملف الأبرز على أجندة الدولة المصرية؛ ويساهم في ذلك ما تمتلكه المنطقة الاقتصادية من استعدادات في مشروعات البنية التحتية واستغلال شبكة تصدير الغاز الطبيعي، وبالتنسيق المتواصل مع هيئة قناة السويس يمكن تحقيق الاستفادة المثلى من الميزة النسبية الكبرى لدينا وهي مرور 15% من حركة الملاحة العالمية عبر قناة السويس ما يتيح فرصًا ضخمة لرفع تنافسيتها بتحويلها إلى مركز عالمي لتموين السفن، حيث تقوم المنطقة الاقتصادية بالتفاوض مع تحالفات عالمية لإقامة مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقتي “السخنة” و”شرق بورسعيد”.

وكبرهانٍ واضحٍ على قدراتنا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على إدارة الأزمات بكفاءةٍ وفعالية قمنا بمعالجة ما واجهناه في أزمة تكدس الحاويات بميناء السخنة نظرًا لتفضيل بعض الخطوط الملاحية العالمية التوجه نحو ميناء السخنة مقارنةً بنظرائه إقليميًّا فتوجهت حركة تداول الحاويات بشكل مكثف للسخنة، وسرعان ما اتخذنا قرارات عاجلة لمعالجة الأزمة وبحث الحلول الناجزة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية وشركاء التنمية، وقد تجاوزنا أيضًا أزمة انخفاض معدلات تداول الحاويات بميناء غرب بورسعيد من خلال قيامنا بإطلاق رحلات قطار نقل الحاويات من السخنة إلى غرب بورسعيد الأمر الذي مثَّل انفراجةً كبرى لتلك الأزمة.

وتأكيدًا على ريادتها الإقليمية، وما تتمتع به المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من موقع متميز جغرافيًّا؛ تحرص الهيئة على التواجد دائمًا في العمق الإفريقي سواء بالتنسيق والتفاهم مع المنظمات الإفريقية المختلفة في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة مثل اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية والتي تشترك 35 دولة إفريقية في توقيعها لزيادة التبادل التجاري وتشجيع الاستثمار في بلدان القارة، كما تحرص المنطقة الاقتصادية على الانضمام لبعض المنظمات ذات نطاق العمل المشترك فجاء فوزها بعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة المناطق الاقتصادية الإفريقية تأكيدا على هذا التوجه، وتأتي تلك الخطوات في سبيل التنسيق لمواجهة المتغيرات الإقليمية المحيطة، وهو ما تنشده الدولة المصرية كتوجه استراتيجي في “الجمهورية الجديدة”.

أتوجه بالشكر للقيادة السياسية على دعمها الكامل للمنطقة وكذلك مجلس الوزراء المصري الذي لا يألو جهدًا في تشجيع الاستثمار بالمنطقة، والشكر لكل من ساهم في اجتياز الطريق الذي رسمناه معًا في سنواتٍ سابقة تلاحقت فيها الجهود بقفزات متسارعة نحو إنجاز ما ننشٌده في تحقيق التنمية الشاملة على كافة المحاور والمستويات تنفيذًا لاستراتيجيتنا الواضحة التي نسير وفقها، كما أثمن المجهودات العظيمة لشركائنا من المطورين الصناعيين والمشغلين بالموانئ والمستثمرين وأصحاب الأعمال.

يحيى زكي
رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس



This website uses cookies and asks for some related data to enhance your browsing experience, By continue browsing the website you are agreeing our use of cookies.